کد مطلب:370218 چهارشنبه 18 مرداد 1396 آمار بازدید:526

فی أبى محمد هشام بن الحکم
 اختیار معرفة الرجال المعروف برجال الكشى (مع تعلیقات میر داماد الأسترآبادى)، ج‏2، ص: 526

فی أبى محمد هشام بن الحكم‏


475- قال الفضل بن شاذان: هشام بن الحكم أصله كوفی، و مولده و منشؤه بواسط، و قد رأیت داره بواسط، و تجارته ببغداد فی الكرخ، و داره عند قصر وضاح (1) فی الطریق الذی یأخذ فی بركة بنی زرزر (2) حیث تباع الطرائف و الخلنج، (3) و علی بن منصور من أهل الكوفة، و هشام مولى كندة، مات سنة تسع و سبعین و مائة بالكوفة فی أیام الرشید


______________________________

فی أبى محمد هشام بن الحكم قوله: عند قصر و ضاح‏[1023]


 


اختیار معرفة الرجال المعروف برجال الكشى (مع تعلیقات میر داماد الأسترآبادى) ؛ ج‏2 ؛ ص526


القاموس و الصحاح: الوضاح بالتشدید ككتان الابیض اللون الحسنة و النهار، و لقب جذیمة الابرش و مولى بربری لبنی أمیة، و الیه نسبت الوضاحیة[1024]


جذیمة الابرش هو جذیمة بن مالك بن فهم بن دوس من الازدكان ملك الحیرة.


قوله: فی بركة بنى زرزر


فی أكثر النسخ «بنی زرزر»، و فی بعضها ابن زرزر[1025]، و هو بزاء مضمومة قبل راء ساكنة ثم راء أخرى مضمومة أیضا قبل الراء.


فی القاموس: زرزر بن صهیب بالضم محدث، و الزرارة البطارقة: جمع زرزار و زربران قریة ببغداد، و الزرزار أیضا نبات یصبغ به، و الزرزور طائر، و زرزر صوت و الرجل دام على أكله‏[1026].


قوله: و الخلنج‏


«الخلنج» باسكان اللام بین الخاء المعجمة و النون و الجیم أخیرا.


اختیار معرفة الرجال المعروف برجال الكشى (مع تعلیقات میر داماد الأسترآبادى)، ج‏2، ص: 527


476- و قال أبو عمرو الكشی: روی عن عمر بن یزید: كان ابن أخی (1) هشام یذهب فی الدین مذهب الجهمیة خبیثا فیهم، فسألنی أن أدخله على أبی عبد اللّه علیه السّلام لیناظره، فأعلمته أنی لا أفعل ما لم أستأذنه فیه، فدخلت على أبی عبد اللّه علیه السّلام فاستأذنته فی ادخال هشام علیه، فاذن لی فیه.


فقمت من عنده و خطوت خطوات فذكرت رداءته و خبثه، فانصرفت الى أبی عبد اللّه علیه السّلام فحدثته رداءته و خبثه، فقال لی أبو عبد اللّه علیه السّلام: یا عمر تتخوف علی، فخجلت من قولی و علمت أنی قد عثرت، فخرجت مستحیا الى هشام، فسألته تأخیر


______________________________

فی الصحاح شجر فارسی معرب قال الشاعر:


«لبن البخت فی قصاع الخلنج» و الجمع الخلانج و مثله فی القاموس‏[1027].


و فی جامع البغدادی: خلنج شجر عظیم و دیسیقور یدوس، و علماء المغرب یقولون: انه كالطرفاء عظما، و صغیرة بقدر القامة، و كأنه یعظم فی بلاد الصین و الروس و بلغار، بحیث یعمل منه أوانی و جفان و تحمل الى البلاد، و النشاب المعمول أمنه فی غایة الجودة.


و یسمى الخلنج بالیونانی أریقی، و أوراقه، كورق الطرفاء هدبی‏[1028] معتدلة بین الخشونة و اللیونة، و لها زهر صغیر أحمر و أغبر، یخلف حبا كالخردل، و منه صنف له زهر أبیض، و بالجملة فالشجرة حارة محللة یابسة، ثم ذكر مالها من الخواص و المنافع.


قوله: كان ابن أخی‏


هذا قول عمر بن یزید و هو عم هشام یقول: و كان ابن أخی هشام یذهب فی الدین مذهب الجهمیة.


اختیار معرفة الرجال المعروف برجال الكشى (مع تعلیقات میر داماد الأسترآبادى)، ج‏2، ص: 528


دخوله و أعلمته أنه قد أذن له بالدخول علیه.


فبادر هشام فاستأذن و دخل فدخلت معه، فلما تمكن فی مجلسه، سأله أبو عبد اللّه عن مسألة فحار فیها هشام و بقی، فسألت هشام أن یؤجله فیها، فاجله أبو عبد اللّه علیه السّلام فذهب هشام فاضطرب فی طلب الجواب أیامه فلم یقف علیه، فرجع الى أبی عبد اللّه علیه السّلام فأخبره أبو عبد اللّه علیه السّلام بها، و سأله عن مسألة أخرى (1) فیها فساد أصله و عقر مذهبه، فخرج هشام من عنده مغتما متحیرا، قال، فبقیت أیاما لا أفیق من حیرتی.


قال عمر بن یزید: فسألنی هشام أن أستأذن له على أبی عبد اللّه علیه السّلام ثالثا، فدخلت على أبی عبد اللّه علیه السّلام فاستأذنت له، فقال أبو عبد اللّه علیه السّلام: لینتظرنی فی موضع سماه بالحیرة لألتقى معه فیه غدا إن شاء اللّه اذا راح النهار، (2) قال عمر: فخرجت الى هشام فأخبرته بمقالته و أمره، فسر بذلك هشام و استبشر و سبقه الى الموضع الذی سماه‏


______________________________

قوله: و سأله عن مسألة أخرى‏


أی فسأل علیه السّلام هشاما عن مسألة أخرى فیها فساد أصل هشام و عقر مذهبه.


باسكان القاف بین المهملة المفتوحة و الراء، بمعنى قطعه و هدمه و ابطاله و نقضه.


و فی نسخة «فسأل أجله و عقد مذهبه»[1029] أی فهشام سأله علیه السّلام أجله الذی أجله ایاه فی المسألة الاولى، و عقد مذهبه و عدم نقضه و ابطاله الى ذلك الاجل، و كأنه تصحیف فاسد.


قوله (ع): اذا راح النهار


أی اذا زالت الشمس.


فی القاموس: الرواح العشی أو من الزوال الى اللیل‏[1030].


و أكثر النسخ‏[1031] مصحفة النون بالیاء و الراء بالواو تسقیما و تحریفا.


اختیار معرفة الرجال المعروف برجال الكشى (مع تعلیقات میر داماد الأسترآبادى)، ج‏2، ص: 529


ثم رأیت هشاما بعد ذلك فسألته عما كان بینهما؟ فأخبرنی أنه سبق أبا عبد الله علیه السّلام الى الموضع الذی كان سماه له فبینا هو، اذا بأبی عبد اللّه علیه السّلام قد أقبل على بغلة له، فلما بصرت به و قرب منی: هالنی منظره (1) و أرعبنی حتى بقیت لا أجد شیئا اتفوه به، و لا انطلق لسانى لما أردت من مناطقته.


و وقف علی أبو عبد اللّه علیه السّلام ملیا (2) ینتظر ما أكلمه، و كان وقوفه علی لا یزیدنی الا تهیبا و تحیرا، فلما رأى ذلك منی ضرب بغلته و سار حتى دخل بعض السكك فی الحیرة.


و تیقنت أن ما أصابنی من هیبته (3) لم یكن الا من قبل اللّه عز و جل من عظم موقعه و مكانه من الرب الجلیل.


قال عمر: فانصرف هشام الى أبی عبد اللّه علیه السّلام و ترك مذهبه و دان بدین الحق، وفاق أصحاب أبی عبد اللّه علیه السّلام كلهم، و الحمد للّه‏


______________________________

قوله: هالنى منظره‏


من الهول یقال: أمر هائل، و قد هالنی یهولنی هو لا و هولنی تهویلا، و هول الامر عندی جعله هائلا، و فلان ركب أهوال البحر و تهاویله و أرعبنی بهمزة القطع افعال من الرعب، و هو الخوف و الفزع و الدهش.


قوله: ملیا


أی زمانا طویلا غیر قصیر.


قوله: و تیقنت أن ما أصابنى من هیبته‏


و یقرب من ذلك أن أبا عبد اللّه الذهبی مع شدة عناده و كمال تبالغه فی العتو و العصبیة قال فی میزان الاعتدال و فی مختصره: جعفر بن محمد بن علی بن الحسین الهاشمی الصادق أبو عبد اللّه، احد الائمة الاعلام، بر صادق كبیر الشأن، أمه أم فروة بنت القاسم بن محمد.


اختیار معرفة الرجال المعروف برجال الكشى (مع تعلیقات میر داماد الأسترآبادى)، ج‏2، ص: 530


قال: فاعتل هشام بن الحكم علته التی قبض فیها، فامتنع من الاستعانة بالاطباء، فسألوه أن یفعل ذلك، فأجابهم الیه، فادخل علیه جماعة من الاطباء، فكان اذا دخل الطبیب علیه و أمره بشى‏ء: سأله فقال یا هذا هل وقفت على علتی؟ فمن بین قائل یقول لا، و بین قائل یقول: نعم، فان استوصف ممن یقول نعم وصفها، فاذا أخبره كذبه و یقول علتی غیر هذه، فیسأل عن علته، فیقول: علتی قرح القلب مما أصابنی من الخوف، و قد كان قدم لیضرب عنقه فأقرح قلبه ذلك حتى مات رحمه اللّه.


477- أبو عمرو الكشی قال: أخبرنی أبو الحسن أحمد بن محمد الخالدی، قال: أخبرنی محمد بن همام البغدادی أبو علی، عن اسحاق بن أحمد النخعی، قال:


حدثنی أبو حفص الحداد و غیره، عن یونس بن عبد الرحمن، قال: كان یحیى بن خالد البرمكی قد وجد على هشام بن الحكم شیئا (1) من طعنه على الفلاسفة، و أحب أن یغرى به هارون و یضریه (2) على القتل‏


______________________________

قال أبو حنیفة: ما رایت أفقه منه و قد دخلنی له من الهیبة ما لم یدخلنی للمنصور فی موكبه، مات «148» و له ثمان و ستون سنة انتهى كلامه.


قوله: قد وجد على هشام بن الحكم شیئا


أی غضب علیه یقال: وجد على فلان موجدة و وجدانا أیضا بمعنى غضب و اشتد علیه فی الغضب.


و «شیئا» مفعول مطلق لا من بابه، أی شیئا من الموجدة غیر طفیف، و «من» الابتدائیة بمدخولها متعلقة بقد وجد.


أی كانت موجدتة على هشام من جهة أن هشاما كان یطعن على الفلاسفة.


قوله: و یضریه‏


باعجام الضاد من باب الافعال، او من باب التفعیل، یقال: أضراه بكذا أو علیه إضراء، و كذلك ضراه به أو علیه تضریة، اذا أغراه به أشد الاغراء، أی أولعه‏


اختیار معرفة الرجال المعروف برجال الكشى (مع تعلیقات میر داماد الأسترآبادى)، ج‏2، ص: 531


قال: و كان هارون لما بلغه عن هشام مال الیه، و ذلك أن هشاما تكلم یوما بكلام عند یحیى بن خالد فی أرث النبی صلّى اللّه علیه و آله فنقل الى هارون فأعجبه، و قد كان قبل ذلك یحیى یشرف امره (1) عند هارون و یرده عن أشیاء كان یعزم علیها من آذائه، (2)


______________________________

به غایة الولوع، و یقال: سبع ضار و قد ضری الكلب بالصید و على الصید ضراوة تعوده، و أضراه صاحبه إضراء و ضراه تضریة.


قال فی أساس البلاغة: و من المجاز ضری فلان بكذا أو على كذا لهج به، و أضریته به و ضریته علیه‏[1032].


و روى الصدوق أبو جعفر بن بابویه فی الفقیه فی باب ركوب بدنة الهدی و حلابها عن أبی عبد اللّه علیه السّلام ان علیا علیه السّلام قال: ان ضلت راحلة رجل و معه بدنة ركبها غیر مضر و لا مثقل‏[1033].


بتسكین الضاد المعجمة و تخفیف الراء من الاضراء، أو بالضاد المفتوحة و الراء المشددة من التضریة.


و قد فصلنا القول فیه فی المعلقات على الفقیه و فی المعلقات على الدروس.


قوله: یشرف أمره‏


بالراء المشددة و الفاء على التفعیل من الشرف، و هو الرفعة و العلو أی یرفعه و یعلیه و یفخمه و یعظمه، أو بالقاف من الشروق بمعنى الظهور و الطلوع و الاضاءة و الانارة، أی یظهره و یكشفه و یجلیه و یبینه.


قوله: یعزم علیها من اذائه‏


مدخول «من» المبینة أو المبعضة أو الاتصالیة اذا تعلقت بالاشیاء المعزوم علیها أو الابتدائیة اذا تعلقت بالعزم علیها.


اختیار معرفة الرجال المعروف برجال الكشى (مع تعلیقات میر داماد الأسترآبادى)، ج‏2، ص: 532


فكان میل هارون الى هشام (1) أحد ما غیر قلب یحیى على هشام‏


______________________________

أما «أذاته» بفتح الهمزة قبل الذال المعجمة و تثنیة التاء من فوق بعد الالف على المصدر أو على الاسم كالانائة، یقال: اذاه یؤذیه أذى و أذاة و أذیة.


قال فی القاموس: و لا تقل ایذاء[1034].


و أما أذائه بالهمزة مكان التاء و المد أولا و أخیرا على افعال فی جمع أذى بالفتح، كما الامعاء فی جمع معى، و الاناء فی جمع أنى، بالفتح عند الاخفش.


قال فی المغرب: الاذى ما یؤذیك و أصله المصدر، و قوله تعالى‏ «عَنِ الْمَحِیضِ قُلْ هُوَ أَذىً»[1035] أی هو شی‏ء یستقذر[1036]، كأنه یؤذی من یقربه نفرة و كراهة، و التأذی أن یؤثر فیه الاذى‏[1037].


و فی الصحاح: و آناء اللیل ساعاته، قال الاخفش: واحدها انى مثال معى قال: و قال بعضهم: واحدها انی و انو، یقال: مضى انیان من اللیل و انوان‏[1038].


و فی القاموس: المعى بالفتح و كالی من أعناج البطن، و قد یؤنث، جمع أمعاء.[1039].


قوله: و كان میل هارون الى هشام‏


یعنی أن میل هارون الى هشام و انعطاف قلبه الیه أحد الامور التی غیرت قلب یحیى على هشام، حسدا علیه مخافة أن یستعمله هارون فی الوزارة و تعدیة «غیرت» ب «على» لتضمین معنى الحقد و الضغن ایاه.


اختیار معرفة الرجال المعروف برجال الكشى (مع تعلیقات میر داماد الأسترآبادى)، ج‏2، ص: 533


فشیعه (1) عنده، و قال له: یا امیر المؤمنین انی قد استبطنت أمر هشام (2) فاذا هو یزعم‏


______________________________

قوله: فشیعه‏[1040]


باعجام الشین و تشدید الیاء و اهمال العین من باب التفعیل و التشدید للنسبة، أی نسبه الى التشیع و رماه بالرفض عند هارون.


و فی طائفة من النسخ «فشیئه» بالهمزة مكان العین، یقال: شیأ اللّه وجهه اذا دعوت علیه بالقبح، قاله فی مجمل اللغة.


و فی أساس البلاغة: غلام مشیا مختلف الخلق كان فیه من كل شی‏ء شیئا، و شیأ اللّه خلقه‏[1041].


و أما شیأ اللّه كذا فمن تشی‏ء الشى‏ء، أی أبدعه و خلقه و جعله شیئا، و قولهم شیأه على كذا معناه حمله على الاقدام به.


فی القاموس: المشیأ كمعظم المختلف الخلق المختلة، و شیأته على الامر حملته علیه، و اللّه وجهه قبحه‏[1042].


و فی نسخة عتیقة «فسیئه» باهمال السین تفعیلا من السی‏ء على ظاهر اللفظ، و ان كان أصله سیوءا على فیعل كما فی حیز و صیب، لا فعلا كبیع و خیر.


قوله: قد استبطنت أمر هشام‏


أی تعرفت باطن أمره و استكشفت دخلة سره، و یقال: بطنت هذا الامر عرفت باطنه، و استبطنت بمعناه، و فی أسماء اللّه الحسنى «الباطن» قیل: هو العالم بما بطن، و قیل: المحتجب بكبریاء عزه و جلاله عن أبصار الخلائق و أوهامهم، فلا یدركه البصر و لا یحیط به عقل و لا یبلغ الى طوار جنابه و هم و فطانة.


اختیار معرفة الرجال المعروف برجال الكشى (مع تعلیقات میر داماد الأسترآبادى)، ج‏2، ص: 534


أن للّه فی أرضه اماما غیرك مفروض الطاعة، قال: سبحان اللّه، قال: نعم، و یزعم أنه لو أمره بالخروج لخرج، و انما كنا نرى أنه ممن یرى (1) الالباد بالارض.


فقال هارون لیحیى: فاجمع عندك المتكلمین و أكون أنا من وراء الستر بینی و بینهم، لا یفطنون بی، و لا یمتنع كل واحد منهم أن یأتی بأصله لهیبتی، قال: فوجه یحیى فاشحن المجلس من المتكلمین، و كان فیهم ضرار بن عمرو، و سلیمان بن جریر، و عبد اللّه بن یزید الاباضی، و موبذان موبذ، و رأس الجالوت.


قال، فتسألوا و تكافوا و تناظروا و تناهوا الى شاذ من مشاذ الكلام، (2) كل یقول لصاحبه لم تجب و یقول قد أجبت، و كان ذلك من یحیى حیلة على هشام، اذ لم یعلم بذلك المجلس و اغتنم ذلك لعلة كان أصابها هشام بن الحكم‏


______________________________

قوله: و انما كنا نرى أنه ممن یرى الخ‏


أی كنا نظن أن هشاما ممن رأیه الالباد بالارض، یقال: ألبد بالمكان إلبادا أقام، و ألبد الرجل لا یفارق منزله، و كذلك لبد بالارض لبودا، قاله فی مجمل اللغة.


و فی القاموس: لبد كنصر و فرح لبودا و لبدا أقام و لزق كالبد[1043].


و المراد هنا القعود عن الخروج و المجاهدة و لزاق المقام و لزامه و أما الباد البصر فی الصلاة فمعناه الزامه موضع السجود من الارض، فان ذلك امارة خشوع القلب.


قوله: و تناهوا الى شاذ من مشاذ الكلام‏


مشاذ الكلام بفتح المیم و اعجام الشین و تشدید الذال المعجمة، تقال: لشواذ الاقوال و نوادرها، كما تقال: مداق النكات لدقائقها و غوامضها.


تقول: كلمة شاذة و قول شاذ و روایة شاذة، اذا كانت مخالفة لما تقتضیه الاصول و القوانین، و یذهب الیه السواد الاعظم من العلماء المراجیح.


اختیار معرفة الرجال المعروف برجال الكشى (مع تعلیقات میر داماد الأسترآبادى)، ج‏2، ص: 535


فلما أن تناهوا الى هذا الموضع، قال لهم یحیى بن خالد: ترضون فیما بینكم هشاما حكما؟ قالوا: قد رضینا أیها الوزیر فانى لنا به و هو علیل، قال یحیى: فأنا أوجه الیه فأسأله أن یتجشم المجی‏ء، فوجه الیه فأخبره بحضورهم، و أنه انما منعه أن یحضره أول المجلس اتقاء علیه من العلة، فان القوم قد اختلفوا فی المسائل و الاجوبة، و تراضوا بك حكما بینهم، فان رأیت أن تتفضل و تحمل على نفسك فافعل.


فلما صار الرسول الى هشام: قال لی: یا یونس قلبی ینكر هذا القول، و لست آمن أن یكون هاهنا أمر لا أقف علیه، لان هذا الملعون یحیى بن خالد قد تغیر علی لأمور شتى، و قد كنت عزمت ان من اللّه علی بالخروج من هذه العلة أن أشخص الى الكوفة و أحرم الكلام بتة و ألزم المسجد، لیقطع عنی مشاهدة هذا الملعون- یعنی یحیى بن خالد-.


قال: فقلت: جعلت فداك لا یكون الا خیرا، فتحرز ما أمكنك، فقال لی:


یا یونس أ ترى أتحرز من أمر یرید اللّه إظهاره على لسانی أنى یكون ذلك، و لكن قم بنا على حول اللّه و قوته.


فركب هشام بغلا كان مع رسوله، و ركبت أنا حمارا كان لهشام، قال: فدخلنا المجلس فاذا هو مشحون بالمتكلمین، قال: فمضى هشام نحو یحیى فسلم علیه و سلم على القوم و جلس قریبا منه، و جلست أنا حیث انتهى بی المجلس.


قال: فأقبل یحیى على هشام بعد ساعة، فقال: ان القوم حضروا و كنا مع حضورهم نحب أن تحضر، لا لان تناظر بل لان نأنس بحضورك اذ كانت العلة تقطعك عن المناظرة و أنت بحمد اللّه صالح لیست علتك بقاطعة عن المناظرة، و هؤلاء القوم قد تراضوا بك حكما بینهم‏


______________________________

و فی عضة من النسخ «مقال الكلام»[1044] بتشدید اللام من القل بالكسر، بمعنى النواة التی تنبت ضعیفة منفردة، و الاقلال بمعنى قلة الجدوى و الجدة.


اختیار معرفة الرجال المعروف برجال الكشى (مع تعلیقات میر داماد الأسترآبادى)، ج‏2، ص: 536


قال: فقال هشام للقوم: ما الموضع الذی تناهیتم به فی المناظرة؟ فأخبره كل فریق منهم بموضع مقطعه، فكان من ذلك أن حكم لبعض على بعض، فكان من المحكومین علیه سلیمان بن جریر فحقدها على هشام.


قال: ثم ان یحیى بن خالد قال لهشام: انا قد غرضنا من المناظرة (1) و المجادلة منذ الیوم، و لكن ان رأیت أن تبین عن فساد اختیار الناس لإمام، و ان الامامة فی آل الرسول دون غیرهم؟ قال هشام: أیها الوزیر العلة تقطعنی عن ذلك، و لعل معترضا یعترض فیكتسب المناظرة و الخصومة


______________________________

قوله: انا قد غرضنا من المناظرة


باعجام الغین المفتوحة و كسر الراء قبل الضاد المعجمة من باب فرح، من الغرض بالتحریك بمعنى القلق و الضجر و الملال أی تضجرنا و مللنا و تبرمنا من المناظرة و المجادلة.


و من لم یعلم ذلك صحفها باهمال العین، ثم حرفها بادخال همزة القطع علیها فضبطها «أعرضنا»[1045] من باب الافعال، فغشی هذا التسقیم فی طائفة من النسخ.


قال فی المغرب: و أما ما فی المنتقى، رجل قالت له امرأته أبغضتك و عرضت منك، فالصواب غرضت بالغین المعجمة و كسر الراء، من قولهم: غرض فلان من كذا، اذا مله و ضجر منه، قال ابو العلاء:

















انی غرضت من الدنیا فهل زمنی‏


 

معط حیاتی لغر بعد ما غرضا


     


 


و الجوهری فی الصحاح و الفیروزآبادی فی القاموس حسبا أنه قد جاء الغرض بمعنى الشوق أیضا، فیقال غرضت الیه بمعنى اشتقت الیه، كما یقال: غرض بالمقام یغرض غرضا، اذا مل و تضجر و قلق‏[1046].


اختیار معرفة الرجال المعروف برجال الكشى (مع تعلیقات میر داماد الأسترآبادى)، ج‏2، ص: 537


فقال: ان اعترض معترض قبل أن تبلغ مرادك و غرضك فلیس ذلك له، بل علیه أن یتحفظ المواضع التی له فیها مطعن فیقفها الى فراغك و لا یقطع علیك كلامك، فبدأ هشام و ساق الذكر لذلك و أطال، و اختصرنا منه موضع الحاجة.


فلما فرغ مما قد ابتدأ فیه من الكلام فی فساد اختیار الناس للإمام، قال یحیى لسلیمان بن جریر: سل أبا محمد عن شی‏ء من هذا الباب؛ فقال سلیمان لهشام:


أخبرنی عن علی بن أبی طالب مفروض الطاعة؟ فقال هشام: نعم. قال: فان أمرك الذی بعده بالخروج بالسیف معه تفعل و تطیعه؟ فقال هشام: لا یأمرنی. قال: و لم اذا كانت طاعته مفروضه علیك و علیك أن تطیعه؟ قال هشام: عد عن هذا فقد تبین فیه الجواب.


قال سلیمان: فلم یأمرك فی حال تطیعه (1) و فی حال لا تطیعه؟ فقال هشام: ویحك لم أقل لك أنی لا أطیعه فتقول ان طاعته مفروضة، انما قلت لك لا یأمرنی.


قال سلیمان: لیس أسألك الا على سبیل سلطان الجدل لیس على الواجب أنه لا یأمرك، فقال هشام: كم تحول حول الحمى، هل هو الا أن أقول لك ان أمرنی فعلت، فینقطع أقبح الانقطاع، و لا یكون عندك زیادة، و أنا أعلم بما تحت قولی‏


______________________________

قلت: و لیس بصحیح بل الصواب ما قاله علامة زمخشر فی أساس البلاغة:


غرضت الى لقائك عدی ب «الى» لتضمینه معنى اشتقت و حننت‏[1047].


و التقدیر ضجرت و قلقت مشتاقا الى لقائك.


قوله: فلم یأمرك فی حال تطیعه‏


الظرف اما متعلق ب «لم»، أی لم هو یأمرك و أنت فی حال تطیعه و فی حال لا تطیعه، أی مرة تطیعه و مرة لا تطیعه، و هو عندك مفروض الطاعة فی الحالین جمیعا.


أو بیأمرك أی لم یأمرك فی الحالین و ما فائدة الامر فی حال لا تطیعه.


اختیار معرفة الرجال المعروف برجال الكشى (مع تعلیقات میر داماد الأسترآبادى)، ج‏2، ص: 538


و ما الیه یؤل جوابی، قال، فتمعر هارون، (1) و قال هارون: قد أفصح.


و قام الناس، و اغتنمها هشام فخرج على وجهه الى المدائن.


قال: فبلغنا أن هارون قال لیحیى: شدّ یدك بهذا و أصحابه، و بعث الى أبی الحسن موسى علیه السّلام فحبسه، فكان هذا سبب حبسه مع غیره من الاسباب، و انما اراد یحیى ان یهرب هشام، فیموت مختفیا ما دام لهارون سلطان، قال: ثم صار هشام الى الكوفة و هو بعقب علته، و مات فی دار ابن شرف بالكوفة رحمه اللّه.


قال، فبلغ هذا المجلس محمد بن سلیمان النوفلی و ابن میثم و هما فی حبس هارون، فقال النوفلی: ترى هشاما ما استطاع أن یعتل؟ (2) فقال ابن میثم: بأی شی‏ء


______________________________

قوله: فتمعر هارون‏


و فی نسخة «فتمغر وجه هارون» و هو اما باهمال العین یقال معر وجهه كذا غیظا فتمعر قاله فی القاموس و الصحاح‏[1048] و مجمل اللغة تمعر لونه عند الغضب تغیر.


و اما بالغین المعجمة أی احمر وجهه غضبا و غیظا، و المغرة بالتسكین و بالتحریك الطین الاحمر، و الامغر الاحمر الشعر، و الجلد على لون المغرة و الذی فی وجهه حمرة فی بیاض.


و فی القاموس: المغرة محركة و المغرة بالضم لون لیس بناصح الحمرة أو شقرة بكدرة[1049].


قوله: ما استطاع أن یفتك [أن یعتل خ ل‏]


یفتك بالفاء و الكاف المشددة افتعالا من الفك، أی ما استطاع الى الافتكاك عن عقدة الاعضال سبیلا.


أو «یعتل» باهمال العین و تشدید اللام على الافتعال من العلة و الاعتلال بالامر،


اختیار معرفة الرجال المعروف برجال الكشى (مع تعلیقات میر داماد الأسترآبادى)، ج‏2، ص: 539


یستطیع أن یعتل و قد أوجب أن طاعته مفروضة من اللّه؟ قال: یعتل بان یقول الشرط علی فی امامته أن لا یدعو أحدا الى الخروج حتى ینادی مناد من السماء، فمن دعانی ممن یدعی الامامة قبل ذلك الوقت علمت أنه لیس بامام، و طلبت من اهل هذا البیت (1) ممن لا یقول أنه یخرج و لا یأمر بذلك حتى ینادی مناد من السماء فأعلم انه صادق.


فقال ابن میثم: هذا من حدیث الخرافة، (2) و متى كان هذا فی عقد الامامة، انما یروى هذا فی صفة القائم علیه السّلام و هشام اجدل من ان یحتج بهذا، على انه لم یفصح بهذا الافصاح الذی قد شرطته انت، انما قال: ان امرنی المفروض الطاعة بعد علی علیه السّلام فعلت، و لم یسم فلانا دون فلان، كما تقول: ان قال لی طلبت غیره فلو قال هارون له و كان المناظر له: من المفروض الطاعة؟ فقال له انت، لم یمكن ان یقول له فان أمرتك بالخروج بالسیف تقاتل اعدائی تطلب غیری و تنتظر المنادی من السماء، هذا لا یتكلم به مثل هذا، لعلك لو كنت انت تكلمت به‏


______________________________

و التعلل به، عبارة عن اتخاذه علة لتحقیق المطلب المقصود اثباته، أو لإبطال القول المطلوب نقضه فلیعرف.


قوله: و طلبت من أهل هذا البیت‏


«من» مبعضة، أی و طلبت بعض أهل هذا البیت ممن لا یقول الخ.


قوله: هذا من حدیث الخرافة


اما بفتح الخاء المعجمة و تشدید الراء على الجمع كالحطابة و الحمارة، أی حدیث أصحاب الخرف، و هو فساد العقل من الهرم أو من علة و آفة.


أو بضمها و الراء المخففة قالوا: خرافة كثمامة اسم رجل من عذرة، و هی قبیلة فی الیمن كان فی عهد النبی صلّى اللّه علیه و آله قد استهوته الجن، كما تزعم العرب، فلما رجع كان یحدث بما رأى منها، فكذبوه حتى قالوا لما لا یمكن حدیث خرافة، و اتخذوه مثلا من الامثال.


اختیار معرفة الرجال المعروف برجال الكشى (مع تعلیقات میر داماد الأسترآبادى)، ج‏2، ص: 540


قال: ثم قال علی بن اسماعیل المیثمی: إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ‏ على ما یمضی من العلم ان قتل، (1) فلقد كان عضدنا و شیخنا و المنظور الیه فینا.


478- حدثنی أبو جعفر محمد بن قولویه القمی قال: حدثنی بعض المشایخ و لم یذكر اسمه، عن علی بن جعفر بن محمد علیه السّلام، قال: جاءنی محمد بن اسماعیل بن جعفر یسألنی أن اسال أبا الحسن موسى علیه السّلام أن یأذن له فی الخروج الى العراق، و أن یرضى عنه و یوصیه بوصیة، قال: فتجنبت حتى دخل المتوضأ و خرج، و هو وقت كان یتهیأ لی أن أخلوا به و اكلمه.


قال: فلما خرج قلت له: ان ابن اخیك محمد بن اسماعیل یسألك أن تأذن له فی الخروج الى العراق و أن توصیه، فاذن له علیه السّلام فلما رجع الى مجلسه: قام محمد بن اسماعیل و قال: یا عم احب أن توصینی فقال: أوصیك أن تتقی اللّه فی دمی، فقال: لعن اللّه من یسعى فی دمك‏


______________________________

و یروى عن النبی صلّى اللّه علیه و آله انه قال: «و خرافة حق» یعنی ما یحدث و یخبر به عن الجن.


قلت: و هاهنا لیس یتأتى الوجه الاخیر، بل المتعین هو الاول لمكان الالف و اللام.


قال فی الصحاح: و الراء فیه مخفقة، و لا تدخله الالف و اللام لأنه معرفة، الا أن ترید به الخرافات الموضوعة من حدیث اللیل‏[1050].


قوله: انا للّه و انا الیه راجعون على ما یمضى من العلم ان قتل‏


یعنی ان قتل هشام یمضی معه العلم و یموت بموته، فانا للّه و انا الیه راجعون على ما یمضی معه من العلم و یفوت بفواته ان قتل أو مات، فلقد كان عضدنا و شیخنا و استاذنا.


و ذلك لان علی بن اسماعیل المیثمی كان تلمیذ هشام بن الحكم و خریجه، كما كان یونس بن عبد الرحمن أیضا خریجه و تلمیذه.


اختیار معرفة الرجال المعروف برجال الكشى (مع تعلیقات میر داماد الأسترآبادى)، ج‏2، ص: 541


ثم قال: یا عم أوصنی، فقال: أوصیك أن تتقی اللّه فی دمی، قال، ثم ناوله أبو الحسن علیه السّلام صرة فیها مائة و خمسون دینارا، فقبضها محمد ثم ناوله أخرى فیها مائة و خمسون دینارا، فقبضها، ثم اعطاه صرة اخرى فیها مائة و خمسون دینارا فقبضها ثم أمر له بألف و خمسمائة درهم كانت عنده، فقلت له فی ذلك و استكثرته فقال: هذا لیكون أوكد لحجتی اذا قطعنی و وصلته.


قال: فخرج الى العراق، فلما ورد حضرة هارون أتى باب هارون بثیاب طریقه قبل أن ینزل، و استأذن على هارون، و قال للحاجب: قل لأمیر المؤمنین أن محمد بن اسماعیل بن جعفر بن محمد بالباب، فقال الحاجب: انزل أولا و غیر ثیاب طریقك وعد لأدخلك الیه بغیر أذن، فقد نام أمیر المؤمنین فی هذا الوقت، فقال: أعلم امیر المؤمنین انی حضرت و لم تأذن لی.


فدخل الحاجب و اعلم هارون قول محمد بن اسماعیل فأمر بدخوله، فدخل، و قال: یا امیر المؤمنین خلیفتان فی الارض موسى بن جعفر بالمدینة یجبى له الخراج و أنت بالعراق یجبى لك الخراج، فقال: و اللّه، فقال: و اللّه، قال: فأمر له بمائة ألف درهم، فلما قبضها و حمل الى منزلة، أخذته الذبحة (1) فی جوف لیلته فمات، و حول من الغد المال الذی حمل الیه‏


______________________________

قوله: أخذته الذبحة


هی باعجام الذال المضمومة و فتح الباء الموحدة و اهمال الحاء، داء أو ورم فی الحلق من الدم یهلك سریعا.


و فی النهایة الاثیریة: الذبحة بفتح الباء، و قد تسكن، وجع یعرض فی الحلق من الدم، و قیل: هی قرحة تظهر فیه فینسد معها و ینقطع النفس فتقتل‏[1051].


و فی القاموس: الذبحة كهمزة و عنبة وجع فی الحلق أو دم یخنق فیقل‏[1052].


اختیار معرفة الرجال المعروف برجال الكشى (مع تعلیقات میر داماد الأسترآبادى)، ج‏2، ص: 542


و روى موسى بن القاسم البجلی: عن علی بن جعفر، قال: سمعت أخی موسى علیه السّلام قال: قال أبی لعبد اللّه: أخی، إلیك ابنی أخیك فقد ملآنی بالسفه فانهما شرك شیطان یعنی: محمد بن اسماعیل بن جعفر، و علی بن اسماعیل، و كان عبد اللّه أخاه لأبیه و أمه.


479- و حدثنی محمد بن مسعود العیاشی، قال: حدثنا جبریل بن أحمد الفاریابی، قال: حدثنی محمد بن عیسى العبیدی، عن یونس، قال: قلت لهشام انهم یزعمون أن أبا الحسن علیه السّلام بعث إلیك عبد الرحمن بن الحجاج یأمرك أن تسكت و لا تتكلم، فابیت أن تقبل رسالته، فأخبرنی كیف كان سبب هذا؟ و هل أرسل إلیك ینهاك عن الكلام أولا؟ و هل تكلمت بعد نهیه إیاك؟


فقال هشام: انه لما كان أیام المهدی شدد على أصحاب الاهواء، و كتب له ابن المفضل صنوف الفرق صنفا صنفا، ثم قرأ الكتاب على الناس، فقال یونس: قد سمعت هذا الكتاب یقرأ على الناس على باب الذهب بالمدینة، و مرة أخرى بمدینة الوضاح.


فقال ان ابن المقعد صنف لهم صنوف الفرق فرقة فرقة، حتى قال فی كتابه:


و فرقة منهم یقال لهم الزراریة، و فرقة منهم یقال لهم العماریة أصحاب عمار الساباطی، و فرقة یقال لها الیعفوریة، و منهم فرقة اصحاب سلیمان الاقطع، و فرقة یقال لها الجوالیقیة.


قال یونس: و لم یذكر یومئذ هشام بن الحكم و لا أصحابه، فزعم هشام لیونس ان أبا الحسن علیه السّلام بعث الیه فقال له: كف هذه الایام عن الكلام فان الامر شدید، قال هشام: فكففت عن الكلام حتى مات المهدی و سكن الامر، فهذا الذی كان من أمره و انتهائی الى قوله.


480- و بهذا الاسناد: قال: و حدثنی یونس، قال: كنت مع هشام بن الحكم فی مسجده بالعشی، حیث أتاه سالم صاحب بیت الحكمة، فقال له: ان یحیى ابن خالد یقول: قد أفسدت على الرافضة دینهم، لأنهم یزعمون أن الدین لا یقوم الا


______________________________


اختیار معرفة الرجال المعروف برجال الكشى (مع تعلیقات میر داماد الأسترآبادى)، ج‏2، ص: 543


بامام حی، و هم لا یدرون أن امامهم الیوم حی أو میت، فقال هشام عند ذلك: انما علینا أن ندین بحیاة الامام انه حی حاضرا كان عندنا، أو متواریا عنا حتى یأتینا موته، فما لم یأتنا موته فنحن مقیمون على حیاته، و مثل مثالا.


فقال: الرجل اذا جامع أهله أو سافر (1) الى مكة أو توارى عنه ببعض الحیطان فعلینا أن نقیم على حیاته حتى یأتینا خلاف ذلك، فانصرف سالم ابن عم یونس بهذا الكلام، فقصه على یحیى بن خالد، فقال یحیى: ما ترانا صنعنا شیئا، فدخل یحیى على هارون فأخبره، فأرسل من الغد فی طلبه، فطلب فی منزله فلم یوجد، و بلغه الخبر فلم یلبث الاشهرین أو أكثر، حتى مات فی منزل محمد و حسین الحناطین.


فهذا تفسیر أمر هشام، و زعم یونس: ان دخول هشام على یحیى بن خالد و كلامه مع سلیمان بن جریر بعد أن أخذ أبو الحسن علیه السّلام بدهر، اذ كان فی زمن المهدی، و دخوله الى یحیى بن خالد فی زمن الرشید.


481- حدثنی ابراهیم الوراق السمرقندی، قال: حدثنی علی بن محمد القمی، قال: حدثنی عبد اللّه بن محمد بن عیسى، عن ابن أبی عمیر، عن هشام بن سالم، قال، قال أبو الحسن علیه السّلام: قولوا لهشام یكتب إلی بما یرد به القدریة، قال: فكتب الیه یسأل القدریة أعصى اللّه من عصى لشی‏ء من اللّه، أو لشی‏ء كان من الناس، أو لشی‏ء لم یكن من اللّه و لا من الناس؟؟.


قال: فلما دفع الكتاب الیه، قال لهم: ادفعوه الى الجرمی، فدفعوه الیه، فنظر فیه ثم قال: ما صنع شیئا، فقال أبو الحسن علیه السّلام: ما ترك شیئا.


قال أبو أحمد: و أخبرنی أنه كان الرسول بهذا الى الصادق علیه السّلام‏


______________________________

قوله: اذا جامع أهله أو سافر


عطف على جامع، أی اذا كان الرجل مجتمعا مع أهله أو سافر الى مكة أو توارى عنا ببعض الحیطان.


اختیار معرفة الرجال المعروف برجال الكشى (مع تعلیقات میر داماد الأسترآبادى)، ج‏2، ص: 544


482- حدثنی حمدویه، قال، حدثنی محمد بن عیسى، عن جعفر بن عیسى عن علی بن یونس بن بهمن، قال: قلت للرضا علیه السّلام: جعلت فداك ان أصحابنا قد اختلفوا! فقال: فی أی شی‏ء اختلفوا فیه احك لی من ذلك شیئا؟ قال: فلم یحضرنی الا ما قلت، جعلت فداك من ذلك ما اختلف فیه زرارة و هشام بن الحكم، فقال زرارة: ان الهواء لیس بشی‏ء و لیس بمخلوق، و قال هشام: ان الهواء شی‏ء مخلوق، قال، فقال لی: قل فی هذا بقول هشام، و لا تقل بقول زرارة.


483- و حدثنی حمدویه بن نصیر، قال: حدثنا محمد بن عیسى العبیدی، قال: حدثنی جعفر بن عیسى، قال: قال موسى بن الرقی (1) لأبی الحسن الثانی علیه السّلام:


______________________________

قوله: قال موسى بن الرقى‏


قال ابن الاثیر فی جامع الاصول: موسى بن مروان الرقی البغدادی، نزل الرقة و حدث بها عن المعافی بن عمران الموصلی و أبی معاویة الضریر، روى عنه عبد اللّه بن یزید القطان الرقی و غیره، مات بالرقة سنة ست و أربعین و مأتین.


و فی مختصر الذهبی: موسى بن مروان البغدادی، عن أبی الملیح و المعافی ابن عمران، و عنه الفریابی، صدوق مات «246».


و فی القاموس: الرقة كل أرض الى جنب واد ینبسط الماء علیها أیام المد، ثم ینضب، جمع رقاق، و بلد على الفرات، واسطة دیار ربیعة و أخرى غربی بغداد، و قریة أسفل منها بفرسخ، و بلد بقوهستان و موضعان آخران‏[1053].


و فی بعض نسخ الكتاب «المرقی» مكان رقی‏[1054].


فی القاموس: المرق بالتحریك قریة بالموصل‏[1055].


و فی أصحاب أبی الحسن الرضا علیه السّلام فی الجزء السادس من الكتاب جرى‏


اختیار معرفة الرجال المعروف برجال الكشى (مع تعلیقات میر داماد الأسترآبادى)، ج‏2، ص: 545


جعلت فداك روى عنك ... (1) و أبو الاسد (2) انهما سألاك عن هشام بن الحكم؟ فقلت: ضال مضل شرك فی دم أبی الحسن علیه السّلام فما تقول فیه یا سیدی نتولاه؟ قال: نعم فأعاد علیه نتولاه على جهة الاستقطاع؟ قال: نعم تولوه نعم تولوه، اذا قلت لك فاعمل به و لا


______________________________

ذكر موسى بن صالح و أبی الاسد خصى علی بن یقطین، و الموسوم فی أصحاب مولانا الرضا علیه السّلام جماعة، و لكن الرقی هو موسى بن مروان البغدادی فلیعلم.


قوله: روى عنك‏


البیاض هاهنا فی عامة النسخ مكان صالح، لما فی الجزء السادس من ذی قبل ان صالحا و أبا الاسد سألا أبا الحسن الرضا علیه السّلام.


قوله: و أبو الاسود


سیرد علیك فی الجزء السادس من الكتاب أبو الاسد خصی علی بن یقطین من أصحاب أبی الحسن الرضا علیه السّلام‏[1056]. الخصی بفتح المعجمة و كسر المهملة و تشدید الیاء على فعیل، و المخصی بفتح المیم و اسكان المعجمة على اسم المفعول معناهما واحد، أی أحد خصیان على بن یقطین و عبیده و موالیه.


و ختن مكان خصی تصحیف بعض الجاهلین.


قال فی المغرب: الخصیة واحدة الخصى، و تثنیتها خصیان بغیر تاء، و قد جاء خصیتان و خصاه، نزع خصیته یخصیه خصاء على فعال، و الا خصاء فی معناه خطأ، و أما الخصی فی حدیث الشعبی على فعل فقیاس و ان لم نسمعه، و المفعول خصی على فعیل و الجمع خصیان‏[1057].


و فی القاموس: خصاه خصاء سل خصیته فهو خصی و مخصی جمع خصیة و خصیان‏[1058].


اختیار معرفة الرجال المعروف برجال الكشى (مع تعلیقات میر داماد الأسترآبادى)، ج‏2، ص: 546


ترید أن تغالب به، اخرج الان فقل لهم قد امرنی بولایة هشام بن الحكم، فقال المشرقی لنا بین یدیه (1) و هو یسمع: أ لم أخبركم أن هذا رأیة فی هشام بن الحكم غیر مرة.


484- حدثنا حمدویه بن نصیر، قال: حدثنا محمد بن عیسى، قال: حدثنی الحسن بن علی بن یقطین، قال: كان أبو الحسن علیه السّلام اذا اراد شیئا من الحوائج لنفسه أو مما یعنی به أموره، كتب الى أبی یعنی علیا: اشتر لی كذا و كذا و اتخذ لی كذا و كذا، و لیتول ذلك لك هشام بن الحكم، فاذا كان غیر ذلك من أموره كتب الیه: اشتر لی كذا و كذا، و لم یذكر هشاما الا فیما یعنی به من امره.


و ذكر انه بلغ من عنایته به و حاله عنده، انه سرح الیه خمسة عشر ألف درهم و قال له: اعمل بها و كل أرباحها ورد إلینا رأس المال، ففعل ذلك هشام رحمه اللّه‏


______________________________

قوله: فقال المشرقى لنا بین یدیه‏


المشرقی هذا هو هشام بن ابراهیم العباسی من أصحاب أبی الحسن الرضا علیه السّلام یقال له: المشرقی، على ما قاله الكشی رحمه اللّه تعالى فی الجزء السادس.


و ذكر النجاشی ان اسمه هاشم، و یقال له: المشرقی‏[1059].


و لیس هو بعباسی و انما قیل له عباسی لما ستطلع علیه فی الجزء السادس‏[1060].


و قال رئیس المحدثین أبو جعفر الكلینی- رضوان اللّه تعالى علیه- فی كتاب التوحید من كتاب الكافی فی ذیل باب الارادة: ان حمزة بن الربیع یقال له:


المشرقی‏[1061].


و بعض القاصرین من أهل العصر صحف الربیع بالمرتفع و أیا ما كان فالذی هنا لیس هو ایاه و لا هو غیر هشام بن ابراهیم الخلتی.


اختیار معرفة الرجال المعروف برجال الكشى (مع تعلیقات میر داماد الأسترآبادى)، ج‏2، ص: 547


و صلى على أبی الحسن.


485- حدثنی حمدویه، قال: حدثنی محمد بن عیسى، عن یونس، قال: قلت لهشام: أصحابك یحكون أن أبا الحسن علیه السّلام سرح إلیك مع عبد الرحمن ابن الحجاج، أن أمسك عن الكلام و الى هشام بن سالم؟


قال: اتانی عبد الرحمن بن الحجاج، و قال لی یقول لك أبو الحسن علیه السّلام امسك عن الكلام هذه الایام، و كان المهدی قد صنف له مقالات الناس، و فیه مقالة الجوالیقیة هشام بن سالم، و قرأ ذلك الكتاب فی الشرقیة، و لم یذكر كلام هشام، و زعم یونس أن هشام بن الحكم قال له: فأمسكت عن الكلام أصلا حتى مات المهدی، و انما قال لی هذه الایام فأمسك حتى مات المهدی.


486- حدثنا حمدویه و ابراهیم ابنا نصیر، قالا: حدثنا محمد بن عیسى، قال: حدثنی زحل عمر بن عبد العزیز (1) بن أبی بشار، عن سلیمان بن جعفر الجعفری، قال: سألت أبا الحسن الرضا علیه السّلام عن هشام بن الحكم؟ قال، فقال لی: رحمه اللّه كان عبدا ناصحا أو ذی من قبل أصحابه حسدا منهم له‏


______________________________

قوله: زحل عمر بن عبد العزیز


عمر بن عبد العزیز بن أبی بشار بفتح الموحدة و تشدید المعجمة، لقبه زحل بضم الزای و فتح المهملة و اللام، على اسم سابع السیارات، و كنیته أبو حفص.


ذكره أبو عمرو الكشی رحمه اللّه فی أصحاب ابی الحسن الاول علیه السّلام، و روى بسنده عن الفضل بن شاذان أنه قال: أبو حفص زحل عمر بن عبد العزیز یروی المناكیر و لیس بغال‏[1062].


قال الشیخ فی الفهرست: عمر بن عبد العزیز الملقب بزحل له كتب، أخبرنا جماعة، عن أبی المفضل، عن ابن بطه، عن أحمد بن أبی عبد اللّه، عن أبیه،


اختیار معرفة الرجال المعروف برجال الكشى (مع تعلیقات میر داماد الأسترآبادى)، ج‏2، ص: 548


487- حمدویه و ابراهیم ابنا نصیر، قالا: حدثنا محمد بن عیسى، قال:


حدثنی زحل، عن اسد بن أبی العلاء، قال: كتب أبو الحسن الاول علیه السّلام الى من وافى الموسم من شیعته فی بعض السنین فی حاجة له، فما قام بها غیر هشام ابن الحكم، قال: فاذا هو قد كتب صلى اللّه علیه، جعل اللّه ثوابك الجنة، یعنی هشام بن الحكم.


488- جعفر بن معروف، قال: حدثنی الحسن بن النعمان، عن أبی یحیى و هو اسماعیل بن زیاد الواسطی، عن عبد الرحمن بن الحجاج، قال: سمعته یؤدی الى هشام بن الحكم رسالة أبی الحسن علیه السّلام قال: لا تتكلم فانه قد أمرنی أن آمرك أن لا تتكلم، قال: فما بال هشام یتكلم و أنا لا أتكلم، قال، أمرنی أن آمرك أن لا تتكلم‏


______________________________

عن عمر بن عبد العزیز[1063].


و قال فی كتاب الرجال فی باب لم: عمر بن عبد العزیز الملقب بزحل، روى عنه أحمد بن محمد بن عیسى، و أبو عبد اللّه البرقی‏[1064].


و قال أبو العباس النجاشی رحمه اللّه تعالى: عمر بن عبد العزیز عرنی بصری مختلط، له كتاب أخبرنا ابن أبی جید، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن عن أحمد بن محمد بن عیسى عنه بكتابه‏[1065].


و لقد تكرر ذكر زحل هذا فی الاسانید فیما سبق.


و فی طائفة من نسخ الكتاب «سنان» بالمهملة و النون مكان بشار بالموحدة و المعجمة.


فأما ما فی بعض النسخ المسقمه «رجل» بالراء و الجیم «عن عمر بن عبد العزیز» فمن أغلاط الجهلة السفلة فلیعلم.


اختیار معرفة الرجال المعروف برجال الكشى (مع تعلیقات میر داماد الأسترآبادى)، ج‏2، ص: 549


و أنا رسوله إلیك.


قال أبو یحیى: أمسك هشام بن الحكم عن الكلام شهرا لم یتكلم ثم تكلم فأتاه عبد الرحمن بن الحجاج، فقال له: سبحان اللّه یا أبا محمد تكلمت و قد نهیت عن الكلام، قال: مثلی لا ینهى عن الكلام.


قال أبو یحیى: فلما كان من قابل، أتاه عبد الرحمن بن الحجاج، فقال له یا هشام قال لك أ یسرك أن تشرك فی دم امرء مسلم؟ قال: لا، قال: و كیف تشرك فی دمی، فان سكت و الا فهو الذبح؟ فما سكت حتى كان من أمره ما كان (صلى اللّه علیه).


489- حمدویه و ابراهیم ابنا نصیر، قالا: حدثنا محمد بن عیسى، قال:


حدثنی الحسن بن علی الوشاء، عن هشام بن الحكم، قال: كنت فی طریق مكة قائما أرید شراء بعیر، فمر بی أبو الحسن علیه السّلام فلما نظرت الیه تناولت رقعة فكتبت الیه: جعلت فداك انی أرید شراء هذا البعیر فما ترى؟.


فنظر الیه، ثم قال: لا أرى فی شراه بأسا فان خفت علیه ضعفا فالقمه، فاشتریته و حملت علیه، فلم أر منكرا حتى اذا كنت قریبا من الكوفة فی بعض المنازل علیه حمل ثقیل، رمى بنفسه و اضطرب للموت، فذهب الغلمان ینزعون عنه، فذكرت الحدیث فدعوت بلقم، فما ألقموه الا سبعا حتى قام بحمله.


490- محمد بن مسعود، قال: حدثنی علی بن محمد بن یزید الفیروزانی القمی، قال: حدثنی محمد بن أحمد بن یحیى، عن أبی اسحاق، قال: حدثنی محمد بن حماد، عن الحسن بن ابراهیم، قال: حدثنی یونس بن عبد الرحمن، عن یونس بن یعقوب، قال:كان عند أبی عبد اللّه علیه السّلام جماعة من أصحابه فیهم حمران بن أعین و مؤمن الطاق و هشام بن سالم و الطیار و جماعة من أصحابه فیهم حمران بن أعین و مؤمن الطاق و هشام بن سالم و الطیار و جماعة فیهم هشام بن الحكم و هو شاب، فقال أبو عبد اللّه علیه السّلام: یا هشام! قال: لبیك یا بن رسول اللّه، قال: ألا تخبرنی كیف صنعت بعمرو بن عبید؟ و كیف سألته؟


فقال هشام: انی أجلك و أستحیی منك، فلا یعمل لسانی بین یدیك، قال‏


______________________________


اختیار معرفة الرجال المعروف برجال الكشى (مع تعلیقات میر داماد الأسترآبادى)، ج‏2، ص: 550


أبو عبد اللّه علیه السّلام: اذا أمرتكم بشی‏ء فافعله، قال هشام: بلغنی ما كان فیه عمرو بن عبید و جلوسه فی مسجد البصرة، و عظم ذلك علی، فخرجت الیه فدخلت البصرة یوم الجمعة، فأتیت مسجد البصرة فاذا أنا بحلقة كبیرة، و اذا أنا بعمرو بن عبید علیه شملة سوداء من صوف متزر بها و شملة مرتدی بها، و الناس یسألونه فاستفرجت الناس فافرجوا لی، ثم قعدت فی آخر القوم على ركبتی.


ثم قلت: ایها العالم انا رجل غریب فأذن لی فأسألك عن مسألة؟ قال، فقال نعم. قال، قلت له: أ لك عین؟ قال: یا بنی أی شی‏ء هذا من السؤال أ رأیتك شیئا كیف تسأل؟ فقلت: هكذا مسألتی، فقال: یا بنی سل و أن كان مسألتك حمقا.


قلت: أجبنی فیها، قال، فقال لی: سل، قال، قلت أ لك عین؟ قال: نعم قلت فما ترى بها؟ قال: الالوان و الاشخاص، قال، قلت: فلك أنف؟ قال: نعم، قال، قلت: فما تصنع به؟ قال: اشتم به الرائحة، قال: قلت فلك فم؟ قال: نعم قال، قلت فما تصنع به؟ قال: أذوق به الطعم.


قال: قلت أ لك قلب؟ قال: نعم. قال، قلت فما تصنع به؟ قال: أمیز به كل ما ورد على هذه الجوارح، قال: قلت أ لیس فی هذه الجوارح غنى عن القلب؟


قال: لا، قلت: و كیف ذاك و هی صحیحة سلیمة؟ قال: یا بنی الجوارح اذا شكت فی شی‏ء شمته أو رأته أو ذاقتة ردته الى القلب فیتیقن الیقین و یبطل الشك، قال، قلت:


و انّما أقام اللّه القلب لشك الجوارح؟ قال: نعم، قال: قلت: فلا بد من القلب و الا لم تستیقن الجوارح؟ قال: نعم.


قال: قلت یا أبا مروان ان اللّه لم یترك جوارحك حتى جعل لها أماما یصحح لها الصحیح و یتیقّن لها ما شكت فیه، و یترك هذا الخلق كلهم فی حیرتهم و شكهم و اختلافاتهم لا یقیم لهم اماما یردون الیه شكهم و حیرتهم، و یقیم لك اماما لجوارحك ترد الیه حیرتك و شكك.


قال: فسكت و لم یقل لی شیئا، ثم التفت إلی فقال لی: أنت هشام؟ قال:


______________________________


اختیار معرفة الرجال المعروف برجال الكشى (مع تعلیقات میر داماد الأسترآبادى)، ج‏2، ص: 551


قلت لا، فقال: أ جالسته؟ قال: قلت لا، قال فمن أین أنت! قلت: من أهل الكوفة قال: فأنت اذن هو، قال: ثم ضمنی الیه و أقعدنی فی مجلسه و ما نطق حتى قمت.


فضحك أبو عبد اللّه علیه السّلام ثم قال: یا هشام من علمك هذا؟ قال: قلت یا بن رسول اللّه جرى على لسانی، فقال: یا هشام هذا و اللّه مكتوب فی صحف ابراهیم و موسى.


491- حدثنی محمد بن مسعود، حدثنی علی بن محمد، عن محمد بن أحمد ابن یحیى، عن أبی اسحاق، عن علی بن معبد، عن هشام بن الحكم، قال: سألت ابا عبد اللّه علیه السّلام بمنى عن خمسمائة حرف من الكلام، فأقبلت أقول یقولون كذا، قال: فیقول لی قل كذا، فقلت: هذا الحلال و الحرام، و القرآن أعلم أنك صاحبه و أعلم الناس به فهذا الكلام من أین؟ فقال: یحتج اللّه على خلقه بحجة لا تكون عنده كلما یحتاجون الیه؟


(1).


492- محمد بن مسعود (2) بن مزید الكشی، و محمد ابن أبی عوف البخاری، قالا: حدثنا أبو علی المحمودی، قال: حدثنی أبی، عن یونس، ان هشام بن الحكم كان یقول: اللهم ما عملت و أعمل من خیر مفترض و غیر مفترض فجمیعه عن رسول اللّه و أهل بیته الصادقین صلواتك علیه و علیهم حسب منازلهم عندك فتقبل ذلك كله منى و عنهم، و أعطنی من جزیل جزاك به حسب ما أنت أهله‏


______________________________

قوله (ع): بحجة لا تكون عنده كل ما یحتاجون الیه‏


الحجة هنا بمعنى الامام، أی یسوغ فی حكمة اللّه التامة و عنایته البالغة أن یقیم على خلقه اماما لا یكون عنده كل ما یحتاجون الیه فی علوم الدین أصولا و فروعا.


قوله: محمد بن مسعود


هاهنا من قلم الناسخ تحریف أو سقط منه سقط، و الصحیح محمد بن سعید مكان محمد بن مسعود، أو محمد بن مسعود، عن محمد بن سعید بن مزید الكشی، كما مر ذلك مرارا كثیرة.


اختیار معرفة الرجال المعروف برجال الكشى (مع تعلیقات میر داماد الأسترآبادى)، ج‏2، ص: 552


493- علی بن محمد بن قتیبة النیسابوری، قال: حدثنی أبو زكریا یحیى بن أبی بكر، قال: قال النظام لهشام بن الحكم: ان أهل الجنة لا یبقون فی الجنة بقاء الابد فیكون بقاؤهم كبقاء اللّه و محال أن یبقوا كذلك، فقال هشام: ان أهل الجنة یبقوا بمبق لهم و اللّه یبقى بلا مبق أو لیس هو كذلك، (1) فقال: محال أن یبقوا للأبد، قال، قال: ما یصیرون؟ قال یدركهم الخمود.


قال: فبلغك أن فی الجنة ما تشتهی الانفس؟ قال: نعم، قال: فان اشتهوا و سألوا ربهم بقاء الابد؟ قال: ان اللّه تعالى لا یلهمهم ذلك، قال: فلو ان رجلا من أهل الجنة نظر الى ثمرة على شجرة، فمد یده لیأخذها فتدلت الیه الشجرة و الثمار ثم كانت منه لفتة فنظر الى ثمرة أخرى أحسن منها، فمد یده الیسرى لیأخذها فأدركه الخمود، و یداه متعلقة بشجرتین، فارتفعت الاشجار و بقی هو مصلوبا، فبلغك أن فی الجنة مصلوبین؟ قال هذا محال، قال: فالذی أتیت به أمحل منه، أن یكون قوم قد خلقوا و عاشوا فأدخلوا الجنان تموتهم فیها یا جاهل.


(2).


تم الجزء الثالث و یتلوه فی الجزء الرابع حدثنی محمد بن مسعود قال حدثنی علی بن محمد. و الحمد للّه رب العالمین و صلواته على سیدنا محمد النبی و آله الطاهرین و حسبنا اللّه و نعم الوكیل.


______________________________

قوله: أو لیس هو كذلك‏


بفتح الواو لزینة الكلام بعد همزة الاستفهام.


قوله رحمه اللّه: تموتهم فیها یا جاهل‏


بتشدید الواو على التفعیل للنسبة، أی و أنت تنسبهم الى الموت فی النشأة الخالدة و تثبت لهم الممات فی جنة الخلد یا جاهل.


اختیار معرفة الرجال المعروف برجال الكشى (مع تعلیقات میر داماد الأسترآبادى)، ج‏2، ص: 553


اختیار معرفة الرّجال المعروف برجال الكشّى لشیخ الطّائفة ابى جعفر الطّوسى (قده) تصحیح و تعلیق المعلّم الثّالث میرداماد الأسترابادی تحقیق السیّد مهدى الرّجائى مؤسسة آل البیت علیهم السّلام‏


اختیار معرفة الرجال المعروف برجال الكشى (مع تعلیقات میر داماد الأسترآبادى)، ج‏2، ص: 554


494- حدثنی محمد بن مسعود، قال: حدثنی علی بن محمد بن یزید القمی قال: حدثنی محمد بن أحمد بن یحیى، قال: حدثنی ابو اسحاق ابراهیم بن هاشم قال: حدثنی محمد بن حماد، عن الحسن بن ابراهیم، قال: حدثنی یونس بن عبد الرحمن، عن یونس بن یعقوب، عن هشام بن سالم، قال: كنا عند أبی عبد اللّه علیه السّلام جماعة من أصحابه، فورد رجل من أهل الشام فاستأذن فأذن له، فلما دخل سلم فأمره أبو عبد اللّه علیه السّلام بالجلوس، ثم قال له: حاجتك أیها الرجل؟ قال: بلغنی أنك عالم بكل ما تسأل عنه فصرت إلیك لا ناظرك.


فقال أبو عبد اللّه علیه السّلام فی ما ذا؟ قال فی القرآن و قطعه و اسكانه و خفضه و نصبه و رفعه، فقال أبو عبد اللّه علیه السّلام: یا حمران دونك الرجل، فقال الرجل. انما أریدك أنت لا حمران، فقال أبو عبد اللّه علیه السّلام: ان غلبت حمران فقد غلبتنی.


فأقبل الشامى یسأل حمران حتى غرض (1) و حمران یجیبه، فقال أبو عبد اللّه علیه السّلام‏


______________________________

قوله: غرض‏


بالغین المعجمة و الراء المكسورة و اعجام الضاد أخیرا، أی ضجر من السؤال و مل.


اختیار معرفة الرجال المعروف برجال الكشى (مع تعلیقات میر داماد الأسترآبادى)، ج‏2، ص: 555


كیف رأیت یا شامی؟ قال رأیته حاذقا ما سألته عن شی‏ء الا أجابنی فیه، فقال أبو عبد اللّه علیه السّلام: یا حمران سل الشامی فما تركه یكشر.


فقال الشامی: أرید یا أبا عبد اللّه أناظرك فی العربیة، فالتفت أبو عبد اللّه علیه السّلام فقال: یا أبان بن تغلب ناظره، فناظره فما ترك الشامی یكشر.


فقال: أرید أن أناظرك فی الفقه فقال أبو عبد اللّه علیه السّلام: یا زرارة ناظره، فناظره فما ترك الشامی یكشر.


قال: أرید أن أناظرك فی الكلام قال: یا مؤمن الطاق ناظره، فناظره فسجل الكلام (1) بینهما ثم تكلم مؤمن الطاق بكلامه فغلبه به‏


______________________________

قوله: فسجل الكلام‏


النسخ مختلفة بالجیم و الحاء المهملة. فبالجیم معناه دار الكلام بینهما مرة لذا و مرة لذاك.


فی النهایة الاثیریة: الحرب بیننا سجال، أی مرة لنا و مرة علینا، و أصله أن المستقین بالسجل یكون لكل واحد منهم سجل.


و فی حدیث ابن مسعود «افتتح سورة النساء فسجلها» أی قرأها قراءة متصلة من السجل: الصب، یقال: سجلت الماء سجلا اذا صببته صبا متصلا[1066].


و بالحاء من السحل بمعنى السیح و الجری و الانبساط و الصب.


فی الصحاح و غیره: المسحل بكسر المیم على اسم الآلة اللسان و الخطیب و أصل السحل القشر، كأنه قشر جلدة، و سحلت الریاح الارض تسحلها بالفتح كشطت أدمتها، و باتت السماء تسحل لیلتها أی تصب.


و یقال للخطیب: انسحل بالكلام اذا جرى به، و ركب مسحله اذا مضى فی‏


اختیار معرفة الرجال المعروف برجال الكشى (مع تعلیقات میر داماد الأسترآبادى)، ج‏2، ص: 556


فقال: أرید أن أناظرك فی الاستطاعة فقال للطیار: كلمه فیها قال: فكلمه فما تركه یكشر.


ثم قال أرید أكلمك فی التوحید، فقال لهشام بن سالم: كلمه، فسجل الكلام بینهما ثم خصمه هشام.


فقال أرید أن أتكلم فی الامامة، فقال لهشام بن الحكم: كلمه یا أبا الحكم، فكلمه فما تركه یریم (1) و لا یحلى و لا یمری، قال:


______________________________

خطبته، و السحیل و السحال بالضم الصوت الذی یدور فی صدر الحمار.


و قد سحل یسحل و سحل سورة یسحلها بالفتح قرأها كلها متتابعة متصلة، و الساحل شاطی البحر[1067].


قال فی مجمل اللغة: قال ابن درید: ساحل البحر مقلوب و انما الماء سحله.


و فی مفردات الراغب: قیل: أصله أن یكون مسحولا لكن جاء على لفظ الفاعل كقولهم هم ناصب، و قیل: بل تصور أنه یسحل الماء أی یفرقه‏[1068].


و قلت: و كذلك كلام ساحل، اما على القلب ای مسحول منصب مصبوب أو على أنه صاب على الاسماع على الاتصال و التتابع فلیعرف.


قوله: فما تركه یریم‏


یریم بفتح حرف المضارعة من الریم.


قال فی المغرب: رام مكانه یریمه زال منه و فارقه.


و فی القاموس: ما رمت المكان ما برحت منه، و منه ریم به اذا قطع‏[1069].


اختیار معرفة الرجال المعروف برجال الكشى (مع تعلیقات میر داماد الأسترآبادى)، ج‏2، ص: 557


فبقی (1) یضحك ابو عبد اللّه علیه السّلام حتى بدت نواجذه‏


______________________________

و فی الصحاح: ما رمت فلانا، و ما رمت من عند فلان بمعنى‏[1070].


«و لا یحلى» بضم یاء المضارعة من باب الافعال من الحلاوة.


و كذلك «و لا یمری» بضم الیاء و اسكان المیم و الیاء بعد الراء افعالا من المرارة، و أصله لا یمر بكسر المیم و تشدید الراء، فابدلت أخیرة الرائین یاء و اسكنت المیم تحفظا لصنعة الازدواج و المشاكلة.


قال فی القاموس: ما یمر و ما یحلی ما یتكلم بمر و لا حلو و لا یفعل مرا و لا حلوا، فان نفیت عنه أن یكون مرا مرة و حلوا أخرى‏[1071].


قلت: ما یمر و لا یحلو یعنی تفتح فیهما حرف المضارعة، و بكسر المیم فی الاولى و تضم اللام فی الثانیة.


فاذن معنى الكلام: كلمه أبو الحكم هشام بن الحكم، فأفحمه و تركه بحیث لا یرضى أن یدع المناظرة و یریم و یبرح عنها، و لا یستطیع أن یتكلم بحلو و لا بمر أصلا، فظل مخصوما، مغلوبا متحیرا مبهوتا، فهنا لك حصحص الحق فلیعلم.


قوله: فبقى‏


اما بالباء الموحدة و القاف المفتوحة من بقاه یبقیه، بمعنى انتظره و ترصده و ترقبه، أو نظر الیه و رصده و رقبه، و منه فی الحدیث «بقینا رسول اللّه» بفتح القاف أی انتظرناه و رقبناه.


و فی حدیث ابن عباس و صلاة اللیل «فبقیت كیف یصلی النبی صلّى اللّه علیه و آله» و فی روایة «كراهة أن یرى أنی كنت أبقیه» بفتح همزة المتكلم أی أنظر الیه و أرصده قاله ابن الاثیر و غیره‏[1072].


اختیار معرفة الرجال المعروف برجال الكشى (مع تعلیقات میر داماد الأسترآبادى)، ج‏2، ص: 558


فقال الشامی: كأنك أردت أن تخبرنی أن فی شیعتك مثل هؤلاء الرجال؟


قال: هو ذاك، ثم قال: یا أخا أهل الشام أما حمران: فحزقك فحرت له (1) فغلبك بلسانه‏


______________________________

فالمعنى: فانتظر أبا عبد اللّه علیه السّلام و ترصده و ترقبه ما یقول.


و اما بالتاء المثناة من فوق و الغین المعجمة، أی فأراد الشامی أن یضحك من التعجب فضبط نفسه و أخفى ضحكه، فغلبه الضحك فضحك أبو عبد اللّه علیه السّلام.


قال فی القاموس: تغت الجاریة الضحك اذا أرادت أن تخفیه و یغالبها و التغا ك «الى» الضحك العالی‏[1073].


قوله (ع): أما حمران فحزقك فحرت له‏


اما بالحاء المهملة و القاف من حاشیتی الزاء، أی شدك بحبل الجدل فی المناظرة وضغتك و قطعك و ضیق علیك المخرج.


قال فی الصحاح: حزقته بالحبل أحزقه حزقا شددته، و الحازق الذی ضاق علیه خفه‏[1074].


و فی القاموس: حزق الرجل عصبه و الشی‏ء عصره و ضغطه و شده، و الحازق من ضاق علیه خفه فحزق رجله أی ضغطها فاعل بمعنى مفعول‏[1075].


و اما باعجام الخاء قبل الراء و القاف بعدها من الخرق بالتحریك یعنی بهتك و أعجزك.


فی القاموس: الخرق محركة الدهش من خوف أو حیاء، أو أن یبهت فاتحا عینیه ینظر، و أن یفرق الغزال فیعجز عن النهوض، و الطائر فلا یقدر على الطیران‏[1076].


اختیار معرفة الرجال المعروف برجال الكشى (مع تعلیقات میر داماد الأسترآبادى)، ج‏2، ص: 559


و سألك عن حرف من الحق فلم تعرفه، و أما أبان بن تغلب: فمغث حقا بباطل (1) فغلبك و أما زرارة: فقاسك فغلب قیاسه قیاسك، و اما الطیار: فكان كالطیر یقع و یقوم، و أنت كالطیر المقصوص لا نهوض لك، و أما هشام بن سالم: فاحس أن یقع و یطیر (2) و أما هشام بن الحكم: فتكلم بالحق فما سوغك بریقك.


یا أخا أهل الشام ان اللّه أخذ ضغثا من الحق و ضغثا من الباطل فمغثهما ثم أخرجهما الى الناس، ثم بعث أنبیاء یفرقون بینهما ففرقها الانبیاء و الاوصیاء، و بعث‏


______________________________

«فحرت له» بضم الحاء المهملة و اسكان الراء و فتح التاء للخطاب، من الحور بمعنى الرجوع، و المحاورة و الحوار مراجعة النطق و المجاوبة، و التحاور التجاوب و تحاوروا تراجعوا الكلام، و المحار المرجع، و كلمته فما أحار إلی جوابا أی ما أرجع إلی. أو بكسر الحاء من الحیرة و التحیر.


قال فی المغرب: و فعلها من باب لبس.


قوله (ع): فمغث حقا بباطل‏


باعجام الغین بین المیم و الثاء المثلثة.


قال فی مجمل اللغة: مغثت الدواء مثل مرثته، و كذلك مرسته و الاستراس الدنو من الشی‏ء و اللزوق به، و امترست الالسن فی الخصومات اذا أخذ بعضها بعضا، و تمرس بالشی‏ء احتك به، و مرس الصبی ثدی أمه یمرسه.


قوله (ع): فأحس أن یقع و یطیر


بفتح الهمزة على صیغة المعلوم، أی أحس من نفسه ذلك، أو بضمها على البناء للمجهول، أی أحس ذلك منه، و فی التنزیل الكریم‏ «فَلَمَّا أَحَسَّ عِیسى‏ مِنْهُمُ الْكُفْرَ»[1077].


اختیار معرفة الرجال المعروف برجال الكشى (مع تعلیقات میر داماد الأسترآبادى)، ج‏2، ص: 560


اللّه الانبیاء لیعرفوا ذلك، و جعل الانبیاء قبل الاوصیاء لیعلم الناس من یفضل اللّه و من یختص.


و لو كان الحق على حدة و الباطل على حدة كل واحد منهما قائم بشأنه ما احتاج الناس الى نبی و لا وصی، و لكن اللّه خلطهما و جعل تفریقهما الى الانبیاء و الائمة علیهم السّلام من عباده، فقال الشامی: قد أفلح من جالسك، فقال أبو عبد اللّه علیه السّلام: ان رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله كان یجالسه جبرائیل و میكائیل و اسرافیل یصعد الى السماء فیأتیه بالخبر من عند الجبار فان كان ذلك كذلك فهو كذلك.


فقال الشامی: اجعلنی من شیعتك و علمنی! فقال أبو عبد اللّه علیه السّلام: یا هشام علمه فانی أحب أن یكون تلماذا لك.


قال علی بن منصور و أبو مالك الحضرمی: رأینا الشامی عند هشام بعد موت أبی عبد اللّه علیه السّلام، و یأتی الشامی بهدایا أهل الشام و هشام یزوده هدایا أهل العراق.


قال علی بن منصور: و كان الشامی ذكی القلب.


495- محمد بن مسعود العیاشى، قال: حدثنی جعفر، قال: حدثنی العمركی قال: حدثنی الحسین بن أبی لبابة، (1) عن داود أبی هشام الجعفری، قال، قلت لأبی جعفر علیه السّلام: ما تقول فی هشام بن الحكم؟ فقال: رحمه اللّه ما كان أذبه عن هذه الناحیة


______________________________

قوله: الحسین بن أبى لبابه‏


بخط السید جمال الدین أحمد بن طاوس نور اللّه مرقده «أبی لبابه» باللام و باءین موحدتین من حاشیتی الالف. و كذلك حكاه بعض الشهداء المتأخرین فی حاشیة الخلاصة عن خطه.


و الذی یقوى به الظن أن الحسین بن أبی لبابة هو الحسین بن اسكیب بالسین المهملة أو المعجمة بین الهمزة و الكاف، العالم الفاضل المتكلم المصنف الخراسانی المروزی خادم القبر، و هو من أصحاب مولانا العسكری علیه السّلام.


اختیار معرفة الرجال المعروف برجال الكشى (مع تعلیقات میر داماد الأسترآبادى)، ج‏2، ص: 561


496- محمد بن نصیر، قال: حدثنی أحمد بن محمد بن عیسى، عن الحسین ابن سعید، عن أحمد بن محمد، عن أبی الحسن الرضا علیه السّلام قال: أما كان لكم فی أبی الحسن علیه السّلام عظة ما ترى حال هشام بن الحكم؟ فهو الذی صنع بأبی الحسن ما صنع و قال لهم و أخبرهم، أ ترى اللّه یغفر له ما ركب منا.


497- علی بن محمد، قال: حدثنی محمد بن أحمد، عن العباس بن معروف عن أبی محمد الحجال، عن بعض أصحابنا، عن الرضا علیه السّلام قال: ذكر الرضا علیه السّلام العباسی، (1) فقال: هو من غلمان أبی الحارث یعنی یونس بن عبد الرحمن، و أبو الحارث من غلمان هشام، و هشام من غلمان أبی شاكر الدیصانی، (2) و أبو شاكر زندیق‏


______________________________

قوله: العباسى‏


و اسمه هشام أو هاشم بن ابراهیم على ما قد أسلفناه فی الحواشی.


قوله (ع): و هشام من غلمان أبى شاكر الدیصانى‏


و حكى السید جمال الدین بن طاوس رحمه اللّه تعالى أیضا عن كتاب أحمد ابن أبی عبد اللّه البرقی، أنه قال: هشام بن الحكم مولى بنی شیبان، كوفی تحول من الكوفة الى بغداد، و كنیته أبو محمد، و فی كتاب سعد له كتاب، و كان من غلمان أبی شاكر الزندیق، و هو جسمی ردی.


قلت: كون أبی شاكر زندیقا و هو من تلامیذه لا یوجب غمزا فیه، «فان الحكمة ضالة المؤمن تؤخذ حیث وجدت» كما أورده الحسن بن داود رحمه اللّه فی كتابه‏[1078] و نسبة القول بالتجسیم الیه مما لیس هو بثابت.


قال السید الشریف المرتضى علم الهدى ذو المجدین رضوان اللّه تعالى علیه فی كتابه الشافی، ذابا عن هشام بن الحكم ما هذا ألیفاظه.


فأما ما رمی به هشام بن الحكم رحمه اللّه من القول بالتجسیم، فالظاهر من‏


اختیار معرفة الرجال المعروف برجال الكشى (مع تعلیقات میر داماد الأسترآبادى)، ج‏2، ص: 562


498- علی بن محمد، قال: حدثنی محمد بن أحمد، عن یعقوب بن یزید عن ابن أبی عمیر، عن عبد الرحمن بن الحجاج، قال، قال أبو الحسن علیه السّلام: ایت هشام بن الحكم فقل له: یقول لك أبو الحسن: أ یسرك أن تشرك فی دم امرء مسلم فاذا قال لا، فقل له: ما بالك شركت فی دمی؟


______________________________

الحكایة عنه القول بجسم لا كالأجسام، و لا خلاف فی أن هذا القول لیس بتشبیه و لا ناقض لأصل و لا معترض على فرع، و أنه غلط فی عبارة یرجع فی اثباتها و نفیها الى اللغة.


و أكثر أصحابنا یقولون أورد ذلك على سبیل المعارضة للمعتزلة، فقال لهم:


اذا قلتم ان القدیم تعالى شی‏ء لا كالأشیاء، فقولوا أنه جسم لا كالأجسام، و لیس كل من عارض بشی‏ء و سأل عنه یكون معتقدا له و متدینا به، و قد یجوز أن یكون قصد به الى استخراج جوابهم عن هذه المسألة و معرفة ما عندهم فیها، أو الى أن یبین قصورهم عن ایراد المرضى فی جوابها الى غیر ذلك مما یتسع ذكره انتهى قوله بألفاظه.


ثم ذكر رضوان اللّه علیه عدة روایات یتضمن ثناء الصادق علیه السّلام علیه، ثم بعد ذلك قال. و ما قدمناه من الاخبار المرویة عن الصادق علیه السّلام، و ما كان یظهر من اختصاصه به و تقریبه إیاه و اجتبائه من بین صحابته، یبطل كل ذلك و یزیف ثقافة راویه انتهى.


و كذلك علامة الاقوام من علماء العامة محمد بن عبد الكریم الشهرستانی قال فی كتاب الملل و النحل بهذه العبارة: الهشامیة أصحاب هشام بن الحكم صاحب المقالة فی التشبیه، و هشام بن سالم الجوالیقی الذمی نسیح على منواله فی التشبیه. و كان هشام بن الحكم من متكلمی الشیعة، و جرت بینه و بین أبی الهذیل مناظرات فی علم الكلام، منها فی التشبیه، و منها فی تعلق علم الباری تعالى.


حكى ابن الراوندی عن هشام أنه قال: ان بین معبوده و بین الاجسام تشابها


اختیار معرفة الرجال المعروف برجال الكشى (مع تعلیقات میر داماد الأسترآبادى)، ج‏2، ص: 563


499- علی بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن أبی علی بن راشد، عن أبی جعفر الثانی علیه السّلام قال: قلت: جعلت فداك قد اختلف أصحابنا، فأصلى خلف أصحاب هشام بن الحكم؟ قال: علیك بعلی بن حدید، قلت: فآخذ بقوله؟ قال:


نعم فلقیت علی بن حدید فقلت له: نصلی خلف أصحاب هشام بن الحكم؟ قال: لا


______________________________

ما بوجه من الوجوه، و لو لا ذلك لما دلت علیه الدلائل.


و حكى الكعبی أنه قال: هو ذو جسم‏[1079]، له قدر من الاقدار و لكن لا یشبه شیئا من المخلوقات و لا یشبهه شی‏ء.


و من مذهب هشام أنه تعالى لم یزل عالما بنفسه، و یعلم الاشیاء بعد كونها بعلم، لا یقال فیه: محدث أو قدیم لأنه صفة و الصفة لا توصف، و لا یقال فیه: هو هو أو غیره أو بعضه.


و لیس قوله فی القدرة و الحیاة كقوله فی العلم، لأنه لا یقول بحدوثهما، قال: و یرید الاشیاء و ارادته حركة لیست عین اللّه و لا هی غیره.


و قال فی كلام الباری تعالى: أنه صفة للّه تعالى لا یجوز ان یقال: هو مخلوق و لا غیر مخلوق.


ثم قال: و هشام بن الحكم هذا صاحب غور فی الاصول، لا یجوزان یغفل عن الزاماته على المعتزلة، فان الرجل وراء ما یلزم به على الخصم و دون ما یظهره من التشبیه.


و ذلك أنه ألزم على العلاف فقال: انك تقول الباری تعالى عالم بعلم و علمه ذاته، فیشارك المحدثات فی أنه عالم بعلم، و یباینها فی أن علمه ذاته، فیكون عالما لا كالعالمین فلم لا تقول: هو جسم لا كالأجسام، و صورة لا كالصور، و له قدر لا كالأقدار الى غیر ذلك انتهى كلامه‏[1080].


اختیار معرفة الرجال المعروف برجال الكشى (مع تعلیقات میر داماد الأسترآبادى)، ج‏2، ص: 564


500- علی بن محمد، قال: حدثنی محمد بن موسى الهمدانی، عن الحسن ابن موسى الخشاب، عن غیره، عن جعفر بن محمد بن حكیم الخثعمی، قال: اجتمع هشام بن سالم، و هشام بن الحكم، و جمیل بن دراج، و عبد الرحمن بن الحجاج، و محمد بن حمران، و سعید بن غزوان، و نحو من خمسة عشر رجلا من أصحابنا، فسألوا هشام بن الحكم أن یناظر هشام بن سالم فیما اختلفوا فیه من التوحید و صفة اللّه عز و جل و غیر ذلك لینظروا أیهما أقوى حجة.


فرضی هشام بن سالم أن یتكلم عند محمد بن أبی عمیر، و رضی هشام بن الحكم أن یتكلم عند محمد بن هشام، فتكالما و ساق ما جرى بینهما.


و قال، قال عبد الرحمن بن الحجاج لهشام بن الحكم: كفرت و اللّه باللّه العظیم و ألحدت فیه، و یحك ما قدرت أن تشبه بكلام ربك الا العود یضرب به! قال جعفر ابن محمد بن حكیم، فكتب الى أبی الحسن موسى علیه السّلام یحكی له مخاطبتهم و كلامهم و یسأله أن یعلمه ما القول الذی ینبغى ندین اللّه به (1) من صفه الجبار؟ فأجابه فی عرض كتابه.


فهمت رحمك اللّه و اعلم رحمك اللّه ان اللّه أجل و أعلى و أعظم من أن یبلغ كنه صفته فصفوه بما وصف به نفسه، و كفوا عما سوى ذلك‏


______________________________

قوله: ما القول الذى ینبغى ندین اللّه به‏


«ندین» بفتح النون للمتكلم مع الغیر و كسر الدال، من دان بكذا یدین به دیانة، اذا اعتقده و اختاره و اتخذه دینا و ملة و مذهبا لنفسه من بین الادیان و الملل.


و نصب «اللّه» على المفعولیة أو على نزع الخافض، ای ما القول الذی ینبغی أن نتخذه لنا دینا نعبد اللّه به من صفة الجبار، أو الذی ینبغی لنا أن نخلصه و نجعله دینا خالصا للّه وحده فی صفة الجبار. ف «من» تبیینیة، أو بمعنى فی، أو عند، او للغایة، أو للبدل.